عندما نتحدث عن السكر كمكوّن غذائي، فإننا غالبًا ما نشير إلى السكر الأبيض الذي نستخدمه يوميًا في تحلية الشاي أو الخبز أو الحلويات. لكن هناك أنواعًا متعددة من السكريات، وأحدها هو سكر الجلوكوز، الذي يُعد عنصرًا حيويًا في الجسم ومصدرًا أساسيًا للطاقة. فما الفرق بين السكر الأبيض وسكر الجلوكوز؟ وأيهما أكثر أمانًا وفائدة للصحة؟ وأيهما أفضل لوصفات الطبخ اليومية؟ هذا ما سنتناوله بالتفصيل في هذا المقال.
ما هو السكر الأبيض؟
السكر الأبيض، والذي يُعرف كيميائيًا باسم السكروز (Sucrose)، هو سكر ثنائي يتكون من اتحاد جزيء من الجلوكوز مع جزيء من الفركتوز. يُستخرج عادة من نباتات مثل قصب السكر أو بنجر السكر، ويتم تكريره في مصانع لإنتاج بلورات بيضاء نقية نستخدمها يوميًا.
السكر الأبيض لا يحتوي على فيتامينات أو معادن، وهو ما يُطلق عليه غالبًا "سعرات حرارية فارغة". فعلى الرغم من أنه يمنح الجسم طاقة سريعة، إلا أنه لا يقدم أي فوائد غذائية تذكر.
ما هو سكر الجلوكوز؟
الجلوكوز هو نوع من السكر البسيط أو الأحادي (monosaccharide)، ويُعتبر أحد اللبنات الأساسية للكربوهيدرات. يُنتجه الجسم من خلال هضم الكربوهيدرات، ويوجد طبيعيًا في بعض الأطعمة مثل العسل والفواكه. كما يمكن تصنيعه صناعيًا على هيئة شراب يُستخدم في الصناعات الغذائية.
يُستخدم الجلوكوز مباشرة كمصدر للطاقة في الخلايا، وهو ضروري لوظائف الدماغ والعضلات والأعضاء الحيوية. ولهذا السبب، يُستخدم في المستشفيات في حالات انخفاض السكر أو فقدان الوعي كمصدر طارئ للطاقة.
الفرق الجوهري بين السكر الأبيض والجلوكوز
1. التركيب الكيميائي
· السكر الأبيض (سكروز): سكر ثنائي يتكون من جلوكوز + فركتوز.
· الجلوكوز: سكر أحادي يُمتص مباشرة في الدم ويستخدمه الجسم دون الحاجة إلى تفكيك.
2. التأثير على مستوى السكر في الدم
· الجلوكوز: يؤدي إلى ارتفاع سريع في مستويات السكر في الدم، لذلك يجب استخدامه بحذر من قبل مرضى السكري.
· السكر الأبيض: يحتوي على الفركتوز، الذي لا يرفع السكر في الدم بنفس سرعة الجلوكوز، لكنه يُستقلب في الكبد وقد يؤدي إلى مشاكل في التمثيل الغذائي على المدى الطويل.
3. الاستخدامات في الطهي
· السكر الأبيض: يُستخدم لتحلية المشروبات، وصناعة الحلويات والمخبوزات.
· الجلوكوز: يُستخدم في صناعة الحلويات لتقليل التبلور، ويضفي نعومة على القوام، لكنه لا يُستخدم غالبًا في المنزل بنفس شكل السكر الأبيض.
أيهما الأفضل للصحة؟
رغم أن الجلوكوز هو السكر الذي يعتمد عليه الجسم للطاقة، إلا أن زيادته المفرطة في النظام الغذائي قد تسبب ارتفاعًا مفاجئًا في نسبة السكر بالدم، مما يرهق البنكرياس ويمهد للإصابة بالسكري.
أما السكر الأبيض، فمشكلته الأكبر تكمن في احتوائه على الفركتوز، الذي يرتبط بالإصابة بـ:
· الكبد الدهني.
· مقاومة الإنسولين.
· السمنة المفرطة.
· أمراض القلب.
في هذا السياق، يمكن القول إن كلا النوعين يحتاجان إلى الاعتدال. لا يوجد سكر “صحي” بالمعنى المطلق، ولكن بعض الأنواع تؤثر على الجسم بطرق أكثر سلبية من غيرها. ويُفضل تقليل الاعتماد على السكريات المضافة عمومًا، سواء كانت سكروزًا أو جلوكوزًا.
هل من الأفضل استخدام سكر الجلوكوز في وصفات الحلويات؟
في الصناعات الغذائية، يُستخدم سكر الجلوكوز لأنه يمنح قوامًا ناعمًا ويمنع تبلور السكر، خصوصًا في وصفات الكراميل والمارشميلو والآيس كريم. لكنه ليس محليًا قويًا مثل السكر الأبيض، ولذلك يحتاج إلى كميات أكبر للحصول على نفس درجة الحلاوة.
إذا كنت تطهو في المنزل، فالسكر الأبيض أكثر شيوعًا وأسهل في الاستخدام. أما إذا كنت تسعى لتحسين قوام الوصفة أو تقلل من التبلور، فقد يكون للجلوكوز استخدام احترافي أفضل.
استهلاك السكر حول العالم
بحسب تقرير صادر عن منظمة الصحة العالمية (WHO)، يبلغ متوسط استهلاك الفرد من السكريات المضافة عالميًا حوالي 17 ملعقة صغيرة يوميًا، وهو ما يتجاوز التوصية اليومية التي لا ينبغي أن تزيد عن 6 ملاعق (أو 25 غرامًا). ويشير التقرير إلى أن الاستهلاك الزائد من السكريات يُسهم في نحو 1.6 مليون حالة وفاة سنويًا مرتبطة بأمراض مثل السمنة والسكري وأمراض القلب.
هذه الإحصائية توضح التأثير الكبير للسكريات على الصحة العامة، سواء كانت من السكر الأبيض أو الجلوكوز أو أي شكل آخر من السكريات المضافة.
أسئلة شائعة FAQs
1. هل الجلوكوز أفضل لمرضى السكري من السكر الأبيض؟
ليس بالضرورة. الجلوكوز يرفع مستوى السكر في الدم بسرعة أكبر من السكر الأبيض، لذا يُفضل تجنبه أو استخدامه بحذر شديد. مرضى السكري يُنصحون عمومًا بتقليل كل أنواع السكريات المضافة.
2. هل السكر الأبيض يسبب الإدمان؟
تشير دراسات علمية إلى أن السكر الأبيض، بسبب تأثيره على نظام المكافأة في الدماغ، يمكن أن يُسبب الإدمان السلوكي، أي أنك تشتهي المزيد منه دون أن تشعر. هذه الخاصية ليست بنفس القوة في الجلوكوز لأنه لا يعطي نفس التأثير النفسي.
3. هل يمكن استبدال السكر الأبيض بالجلوكوز في وصفات الطهي؟
نعم، لكن النتيجة قد تختلف. الجلوكوز أقل حلاوة، ويغير من قوام الوصفات، لذا يجب تعديل الكميات والتجربة عدة مرات للوصول للنتيجة المطلوبة.
4. ما هو سكر الذرة؟ وهل هو نفسه الجلوكوز؟
سكر الذرة هو نوع من شراب الجلوكوز يُصنع من نشا الذرة، لكنه قد يحتوي على الفركتوز أيضًا، خاصة في شكله المعروف باسم شراب الذرة عالي الفركتوز (HFCS)، والذي يُستخدم بكثرة في الصناعات الغذائية، ويُعد ضارًا عند استهلاكه بكميات كبيرة.
5. هل الجلوكوز طبيعي؟
نعم، الجلوكوز يوجد بشكل طبيعي في الفواكه والعسل وبعض الخضروات. ولكن عندما يُنتج صناعيًا أو يُستخدم بكميات كبيرة كمكون غذائي، يمكن أن يكون له نفس الآثار الضارة للسكريات الأخرى.
موضوع اخر مقترح دليلك الكامل لأشهر أنواع الكيك: من الكيك الإسفنجي إلى كيك الشوكولاتة الفاخر
الخلاصة
في النهاية، الفرق بين السكر الأبيض وسكر الجلوكوز يكمن في التركيب، والتأثير على الجسم، وطريقة الاستخدام. لا يوجد نوع "صحي" من السكر، فالإفراط في استهلاك أي نوع منه يضر بالصحة. ومع أن الجلوكوز هو المصدر الأساسي للطاقة في الجسم، إلا أن تناوله بكميات كبيرة كمُحلٍ مضاف لا يُعد خيارًا صحيًا.
القاعدة الذهبية: الاعتدال في استهلاك السكر، والاعتماد على مصادر طبيعية للكربوهيدرات مثل الفواكه والخضروات، هو الطريق الأفضل للحفاظ على صحتك وطاقة جسمك.